- July 28, 2022
- Posted by: admin
- Categories:
No Comments
في بلاد تغرق في الظلام لا مجازاً فحسب، يبدو الكلام عن جمال قمر هذا المساء ضرباً من ضروب الترف ، لكن قد يستغرب الكثير منكم أنه ثمة أوقات في التاريخ كانت أكثر حلكةً وضنكاً مما تعيشه بلادنا اليوم ولعب القمر وشكله ولونه من حيث لا يدري دورا محورياً في تغيير دفة التاريخ ورقعة الجغرافيا، على سبيل المثال لا الحصر في ليلة كهذه كان وريث العرش العثماني الشاب اليافع محمد الثاني(الفاتح) يمضي ليلته ما قبل الستين مع جيشه المنهك على أعتاب القسطنطينية بعدما فرغ من كل الحيل ووسائل الهجوم مع تململ جيشه واستعدادهم للمغادرة رافعين لواء الهزيمة حتى ظهر قمر ضخم وردي اللون يشبه قمر هذا المساء، فصرخ الفاتح هذه ليلتنا وهذا القمر نذير النصر وسنقاتل من غير حسبان فانقضّ جيشه من خلفه على الأسوار فلطالما اعتبر العثمانيون أن هذا القمر بحجمه وشكله ولونه يعني أنه يحمل الجحيم لإعدائهم، ومن المفارقات الغريبة أن الرومان سكان القسطنطينية على المقلب الآخر كان لديهم نبوءة تقول أن سقوط القسطنطينية سيكون في ليلة قمرها لونه أحمر وضخم، فكان بعد فشل ٢٣ جيشا سابق و١١٠٠ سنة من تمنع أسوار القسطنطينية أن خرجت من يد الرومان لتنهي آخر وجود لهم في المشرق في ما أسماه البعض سقوطاً وما أسماه البعض الآخر تحريراً.
القصة الأخرى التي غيرت مجرى التاريخ عبر القمر هي قصة كريستوف كولمبوس في طريقه لأمريكا التي لم يكن يعرفها يومها ولا يعرف وجهتها ،فوقع مع طاقمه في الأسر في قبيلة في إحدى المناطق التي أرادت استخدامهم كعبيد ومنعت عنهم الطعام،فعندها أخبرهم كولمبوس الذي كان يعرف بموعد كسوف القمر، أن إلهه سيعاقبهم على فعلتهم باحتجازهم وأول العقاب سيكون حجب نور القمر، وفعلا كان الكسوف وهنا هلع المحتجزون لإطعام كولمبوس وطاقمه وتحريرهم ، فكان “اكتشاف أمريكا ” نقطة تحول في تاريخ البشرية بحسب كتّاب التاريخ.
قد يستغرب البعض دور القمر المسكين من التاريخ بكل جبروته، لكن أو لم يكن هذا حال الحياة أبدا كما قال جرير
يصرعن ذا اللب وهن أضعف الخلق أركانا
وقد يقول البعض أن الفكرة هي من فعلت ما فعلته والقمر من الفعل براء، وهذا أيضاً جائز ، ولذلك التمعن هذا المساء بجمال قمر الليلة مع أغنية فيروز “نحن والقمر جيران”
أو أغنية كيني روجرز
I prefer the moonlight
هو انتصار للفكرة وسبيل لتجاوز المحنة، ولو مجازاً 